[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]أحواش نترحالتأحواش نترحالت تعبير فني شعبي واحتفال جماعي متكامل يساهم فيه الشعراء والراقصون بالميدان المعروف ب"أسايس" ، ويجمع هذا الفن بين الكلمة المعبرة والرقص والإيقاع، وليس وسيلة للتسلية والمرح فقط بل مناسبة للتعارف والتآزر وصلة الرحم كما يعد وسيلة مثلى لفض النزاعات المستعصية أحيانا بين قبائل البدو.
أما مصطلح تارحالت فيرتبط بحياة ممارسي هذا اللون الفني من أحواش ، وهم البدو الرحل الأمازيغ الذين يتنقلون يرحلون وراء قطعانهم بحثا عن الكلأ والماء .
و أحواش نترحالت ليس برقصة فلكلورية وإنما يجمع بين الرقص الهادئ المتزن والشعر البليغ ويرتكز على مضامين المتون الشعرية في نصوصها المتداولة شفهيا كما يتميز بمشاركة النساء إلى جانب الرجال في صفين متقابلين يتساجلان في ما بينهما بالشعر.
كما أن مصطلح تارحالت أتى مؤنثا وينطق أحيانا ب ( تاحوايشت نترحالت ) كما هو الشأن عند قبيلة ايت علي ويدو سلام بل هناك أنواعا قريبة منها أو فروعا لها تسمى ب (تانانايت) أي أن أشعارها خاضعة للميزان الشعري الامازيغي (تالالايت) إلا أن بعض قبائل الجنوب الشرقي المغربي تنطق اللام نونا فنطقت تالالايت ب تانانايت.
ويتم التعبير في هذا الصنف من أحواش ب:
*التعبير بالكلمة الموزونة على شكل أبيات ومقاطع شعرية خاصة وان قرض الشعر لدى البدو مكتسب بالسليقة والفطرة.
*التعبير بالصوت والنغمة الشجية حيث يتفنن البدو في أصواتهم ويلحنون الكلمات والأبيات الشعرية .
*التعبير بالحركة ونحسه بالرؤية وخاصة تناغم حركات الأيدي والأرجل وحركات الصفوف إلى الأمام والى الخلف وهي التي تجدب عشاق الرقص .
2) المجال:
نظريا يمكن اعتبار جميع أراضي شمال إفريقيا مجالا له لأنه مكان انتجاع القبائل الامازيغية الرحل لكن اقتصرنا في موضوعنا على بعض الجزيرات المجالية التي يمارس بها هذا الفن وسنقتصر على منطقة باني الوسطى أراضي قبائل ايت على ويدو سلام و اذبراهيم واذموسى وداود بين اقليمي طاطا وكلميم بالمغرب .
3) طقوس الممارسة:
أ) الإعداد والتهيؤ/ لحيلان:
إن حياة الرحل بسيطة ومعقدة فهم منشغلون بهموم الحياة اليومية من رعي للقطعان وورد للماء وجمع لحطب التدفئة وغيرها ...كما أنهم مهتمون بقرض الشعر وأداء أحواش نترحالت مما يجعلهم يبتكرون وسائل للاتصال فيما بينهم في زمن ومكان تغيب فيه وسائل الاتصال الحديثة ، إذ يتم إخبار سكان الخيام المتباعدة عن موعد الاحتفال بواسطة مرآة صغيرة تسمى محليا (تيسينيت) تعكس ضوء الشمس في اتجاه الخيام ولا تستعمل هذه المرأة إلا للتذكير بمناسبة احتفالية لأحواش نترحالت .أما بالنسبة للباس فهذا الفن لا يتطلب لباسا موحدا وكل هذه الأبهة من جلباب ابيض وعمامة وخنجر كما هو الشأن في الأصناف الأخرى لفن أحواش وإنما تستعمل لباس الرحل العادية وغالبا ما تكون أما جلبابا اسودا أو بنيا او فوقية زرقاء وعمامة سوداء ونعالا جلدية .
ب)المكان/ اسايس: ميدان أداء وممارسة طقوس فن تارحالت ويكون مكانا مستويا ونظيفا وسط مضارب الخيام وبعيدا عنها ويسمى (أسايس) .
ج) الزمان /ازمز: وغالبا ما يكون الليل هو الزمن المفضل لإقامة أحواش نترحالت وهو الوقت الملائم الذي يكون فيه البدو الرحل غير منشغلين بمشاغلهم اليومية وذوي صلة وطيدة بالممارسة الفنية ، كما يضفي ضوء القمر صبغة رومانسية على هذه الاحتفالات الليلية، وفي الليالي الحالكة الظلام يتم يقاد النار/ الفكرت، امتكاس في وسط الميدان لإنارة المكان ولإشعار بقية البدو الأبعدين بإقامة الحفل.
د)الجمهور /اكدود:إن جمالية فن أحواش عامة، وتارحالت خاصة، لا تتم إلا بحضور الجمهور الذي يؤدي دورا هام في تنشيط احتفالات هذا الفن بالتصفيق والتشجيع بالصيحات والزغاريد وتقديم باقات الورود والأزهار.(تاوشكينت نلحباق )و(تادلا ن لغنباز) ...
هـ) الشاعر/الرايس ،انظام ، امدياز :يتصف بمعرفته الجيدة بهذا الفن وان يتمكن من الأوزان الشعرية ويكون صوته شجيا لاجتذاب المستمعين له وفن تارحالت لا تقتصر على شاعر أو شاعرة واحدة بل على شعراء يتحاورون فيما بينهم .
و) الفال:من الطقوس المصاحبة لأحواش نترحالت من طرف الجمهور، حيث يتم رمي حصاة وانتظار أول غصن شعري فما قاله الشاعر يعتقد رامي الحصاة انه سيقع له مما يجعل الشعر مقدسا لدى الامازيغ .
3) مراحل الأداء :
*) الافتتاح: يبدأ أداء أحواش نترحالت بترديد لازمة على شكل موال والمعروف عند البدو الرحل بالفال وهو:
اوهــو هـو هــو أوهـــو هـــو هـــو
وبهذه اللازمة يتم الإعلان عن بداية الاحتفال والاستعداد للرقص والحوار الشعري بين الشبان والشابات الذين تقاطروا على الميدان من كل حدب وصوب ثم يشكلون صفان متقابلان صف للذكور وصف للإناث كل صف يرأسه شاعر من جنسه .
الحوار الشعري مع الرقص المتزن: يستهل الشاعر الحوار الشعري بمقدمة غزلية
ثم يتناول موضوعا عاطفيا أو اجتماعيا أو سياسيا فتبتدئ الندية في الحوار الشعري ( انعيبار ن واوال )بين الشعراء والشاعرات ، وتردد الشابات الأبيات الشعرية التي تقولها الشاعرة ويردد الشبان الأبيات الشعرية التي يقولها الشاعر.
وعلى مستوى الشكل يحل الذكور محل الإناث و الإناث محل الذكور من اليمين إلى اليسار بحركة جانبية ثم من اليسار إلى اليمين بحركة ورائية أمامية ، قبول ودبور ثم انحناء.
فعند قول بيت من الشعر وترديده يقبلون ويتقدمون إلى الأمام ثم يتراجعون إلى الصف الأخر ، وتتنوع قصائد تارحالت بين المتوسطة والطويلة وتتناول مختلف الأغراض الشعرية من مدح وهجاء واستعطاف ورثاء ووصف وغيرها...
وشعر تارحالت كباقي فنون اسايس يرتكز في غالبيته على الارتجالية لما للشاعر من الهام واستبصار فيكون بذلك مستعدا لكل مفاجأة أثناء الحوار الشعري ومراعيا لما تتطلبه الندية بين الشعراء المتبارين .
وفي الإيقاع يتم الاعتماد على حركات الأرجل والأيدي فقط : ضربتان بالأرجل وصفقة واحدة بالأكف بإيقاع متناسق يعجب الجمهور الحاضر ، ولا تستعمل في هذا الصنف من أحواش أية آلة في الإيقاع، وعند انتهاء الاحتفال يتم هروب الطرف المنهزم وتتبعه الصيحات.
وللبدو الامازيغ الرحل فنونا تعبيرية تدخل ضمن فنون الرحل فمنها ما هو خاص بكل جنس ومنها ما هو مشترك بينهما معا .
ففي بعض المناسبات وخاصة الأعراس والاحتفالات المصاحبة لها تؤدي النساء فنا من أحواش شبيها بتارحالت واقفات في شكل دائري أو نصف دائري تتوسطهن رئيسة ولا يستعملن أية آلة للإيقاع سوى التصفيق بالأيدي والضرب بالأرجل ويرددن أشعار تازررارت أي أشعار الترحيب والمدح(تانكيفت)، ويسمى هذا الصنف أحواش نتيدي/الوقوف أو تيبرديكييت/الضرب بالأرجل، ويبدأ هذا الفن باللازمة الشعرية التالية:
أهــا هــا هـــا اهــا هـــا هــا
كما يودي البدو الامازيغ صنفا أخر من فن أحواش جالسين إما مختلطين أو منعزلين كل جنس وحده ويسمى أحواش نتسكيوست / الجلوس أو أحواش ن ناقوس نسبة إلى آلة إيقاعية تصدر رنينا بعد الضرب عليها ، حيث يجلسون على شكل حلقة ويبدأ احد الجالسين أو الجالسات بإنشاد غصن شعري يتكون من بيتين يسمى ب " تمنصفيت" يردد نصف الممارسين البيت الأول ويردد النصف الأخر البيت الثاني مدة من الزمن تم يختمونه بالإيقاع بالتصفيق واستعمال بقية الآلات إيقاعية من الدفوف و(النقوس) ، ثم الناي ويدخل إلى وسط الحلقة شابان راقصان يتباهيان بحركات الكتفين (تيغاريوين) وحركات الأرجل (لاركوز) ثم حركات باقي الجسم وقوف ثم جلوس وينتهي الاحتفال بتوقف عازف الناي على العزف.